أنتظرت دخول حبيب عمرها ليأخذ بيدها، ويسيرا نحو حياتهما الجديدة.. تقف .. بل تطير كفراشة من فرط سعادتها. خفقات قلبها تتسارع كلما آن وقت حضوره. سألتها والدتها مرارا وهي تفرك كفيها لُتهدأ ذاك القلق الباد على وجهها.. همست لها بحب : لا تقلقي حبيبتي.. أسعدي ، فاليوم يوم عمرك، أنه اليوم الذي تتمناه كل فتاة. كم أنت جميلة ورائعة حبيبتي. ماشاء الله، لا قوة إلا بالله."
ردت عليها بهمس قطّع حروفه القلق الذي لا تعرف سببه.. يمتلكها أحساس عظيم بالخوف، بالألم اللذيذ.. أبتسمت لتلك العبارة ( ألم لذيذ ) وهل كان للألم لذة؟؟ تسائلت بداخلها.
عادت لتسأل والدتها: " هل أنا جميلة أمي؟ هل فستاني الأبيض رائع؟ وماذا عن مكياجي وتسريحتي؟؟ ....
قاطعتها والدتها بحنان: لا يوجد أجمل منك حبيبتي!!
فقط أزيحي هذا الأرتباك عن ملامحك. فزوجك سيكون هنا قريبا. أرتاحي حبيبتي .. ارتاحي.
نظرت العروس لملامحها بالمرآه .. تبحث عن ذاك القلق الذي أشارت له والدتها. لا تفهم هل فعلا للقلق ملامح ؟!
حسنا .. قررت رسم ابتسامه رقيقة فوق شفتيها الناعمتين.. ولكن الوقت يمضي.. وحبيبها تأخر كثيرا عليها. أعتقدت أن أشواقه ستقوده إليها بسرعة البرق!! ماذا حدث يا ترى؟
بعد دقائق أعتقدتها ساعات... سمعت خطوات تتجه نحو غرفتها. أستبشرت، فقفز قلبها كطفل حصل للتو على أغلى لعبة لديه. نهضت من مكانها لتستقبل حبيبها وزوجها ..
دخل والدها ومعه أخويها.. دموع تملىء تلك العيون.. صمت رهيب .. أخرس الألسن. سألتهم برهبة.. بفزع يغرق روحها: " أين فهد ؟ "
وبنفس الوقت كانت والدتها تهوى على كرسي بزاوية المكان، وأخاها يحاول تهدأتها متلصصا بنظراته نحو أخته العروس.
عادت لتسألهم بصوت أعلى،وأكثر فزعا :" أين فهد ؟"
سقطت مكانها بعد ما سمعته من والدها ، فلم تصرخ، ولم تبكِ.. وأكتفت بإغماض جفنيها لتنوح ألمها بصمت. ( إنا لله وإنا إليه راجعون )
توفى حبيبها بحادث سير وهو متوجه لقصر الأحتفال ليأخذها لعالم جديد.. ولكن القدر شاء أن يرحل دونها ويتركها وحيدة تنوح فقده بصمت
